کد مطلب:323804 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:370

المرأة لیست أحبولة الشیطان
و لیست المرأة أحبولة للشیطان، و لیس اتصال الجنسین رجسا من عمل الشیطان. و لیست اللذة و المتعة هی غایة هذا الاتصال، و لا الهوی دافعه و مانعه علی السواء. و لیس الجنسان سواء فی وظیفتهما و عملهما، و لیس مجرد التفرقة بینهما فی التكوین البیولوجی عبثا لا معنی له و لا هدف وراءه.. الی آخر ما مرت به النظرة الی «الانسان» من تخبط و اضطراب..

كلا.. انما الانسان.. انسان.. «انسان» و لیس الها - هو سید هذه الأرض و هو عبد الله فی آن.. و هو مسلط علی هذه الأرض، و مسخر له كل ما فیها، و علیه أن یخلف الله - سبحانه - فیها، و یغیر فیها و یبدل، و یتمی فیها و یرقی، و هو معان علی استغلال كنوزها و طاقاتها. معان بما وهبه الله من قوی و طاقات، و معان بما فی نوامیس هذا الكون من عون للانسان فی هذا المجال.. و فی الوقت ذاته هو من نفسه فی حرم من مقدس. حرم من حرمات الله. لا یمسه الا باذن الله، و لا یعمل فیه الا یمنهج الله. و لم یوهب معرفة أسرار هذا الحرم - الا بقدر - و لم یسمح له أن یضع له من تلقاء نفسه المناهج و الخطط و الشرائع و الأوضاع. و لم یؤذن له أن یتخذ الهه هواه..

و هو «انسان» - و لیس حیوانا - هو مخلوق فذ فی هذا الكون. مخلوق قصدا، و لخلقته حكمة. و مزود بطبیعة خاصة - فوق طبائع الحیوان -
و بخصائص معینة - فوق خصائص الحیوان - لأداء وظیفة معینة فی الأرض لا یؤدیها الحیوان. و له - من ثم - مقام كریم، یعادل وظیفته الكریمة.. كان كذلك یوم نشأ، و هو كذلك الیوم، و سیكون كذلك غدا.. و الذین خالفوا عن هذه الحقیقة یعودون الیها مرغمین الآن..

و هو «انسان» - و لیس آلة، و لا عبدا للآلة، و لا من صنع المادة، و لا من صنع الالآت - و هو كائن معقد شدید التعقید، لیست له بساطة المادة و لا طواعیة الآلة. و الذی نعلمه عن تعقیده قلیل - و نحن فی أول الطریق من علوم الانسان، و لم نصل بعد الی المزید من علوم الانسان الذی یتطلبه دكتور كاریل - و مع ذلك فقد واجهتنا «الحیاة» بتعقیدها المخیف الذی لم تواجهنا به المادة، و واجهنا «الانسان» بتعقید أشد هولا..

فمن الجرأة المتهورة المتهجمة علی «العلم» و قواعده، الزعم بأن هذا الانسان مادة، و التعامل معه كالتعامل مع المادة.. و من التخبط أن نزعم أنه كالآلة و نعامله كما نعامل الآلة.. ثم من التوقح البغیض ان نقول: ان الآلة (أداة الانتاج) هی الا له الذی یغیر فیه و یبدل كما یشاء!!!

و هو «انسان» - و لیس «نمرة» من النمر و لا فردا من القطیع - هو انسان یتمیز أفراده بعضهم من بعض، و یتمتع كل فرد بذاتیة مستقلة لا نظیر لها، و وحدانیة حقیقیة - رغم اشتراكهم جمیعا فی خصائص انسانیة عامة - و لكل فرد منهم «خصائصه الذاتیة» الی جانب «الخصائص الانسانیة».. و من ثم ینبغی أن یكون النظام الاجتماعی، و النظام الاقتصادی، و النظام السیاسی، و الطریقة الفنیة للعمل فی المصانع و غیرها (التكنولوجیا) مبنیة علی أساس ملاحظة «الخصائص الانسانیة» العامة أولا. و «الخصائص الفردیة الذاتیة» ثانیا. فلا یحشر الجمیع فی نظام للعمل كالقطیع. و لا یكون عمل الفرد فی المصنع او فی أی مكان، بدیلا عن عمل الآلة، المتماثلة الغرز و ابعدها الطرقات.
و حین تحترم خصائص الانسان العامة، و خصائص الأفراد الذاتیة، فلن یتعذر علی المهندسین و المدیرین ایجاد طرائق العمل الفنیة التی تحافظ علی هذه الخصائص و تلك، و لن یتعذر علی «التكنولوجیا» ان تضمن الانتاج الكبیر و تضمن فی الوقت ذاته المحافظة علی هذه الخصائص و تلك، فلا تسحق «الانسان» و لا تسحق «الفرد» فی عمل أو نظام.

و هو «انسان» من ذكر و أنثی.. من نفس واحدة، نعم.. و لكنهما جنسان. و منهجنا یعرف هذه الحقیقة بشطریها، و یكفل لشطری النفس الواحدة حقوقا واحدة - فیما یتعلق بالأصل الانسانی العام - و لكنه فی الوقت ذاته یفرض علی كل منهما واجبات مختلفة، و فی الوظیفة الخاصة فی العمران، و وفق طاقة كل منهما و مجموعة تكالیفه، فلا یكلف المرأة المسكینة مثلا أن تحمل و ترضع و تربی، و فی الوقت ذاته تعمل و تكدح و تشقی.. بینما الرجل لا یشاركها الحمل و الرضاعة و التربیة. ثم یزعم بعد ذلك أنه ینصف المرأة و یحترمها و یرقیها! و لا یكلف المرأة أن تهمل صناعة «الانسان» لتشتغل بصناعة «الأشیاء».. فالانسان فی منهجنا أغلی من الأشیاء. و لا یجوز فیه أن تشتغل المرأة المثقفة الماهرة الحكیمة بصناعة الأشیاء و انتاجها، و ان تستجلب لأبنائها امرأة أخری أقل ثقافة و مهارة و حكمة، و أرخص أجرا بالطبع، لتشرف لها علی «الأبناء» بینما هی تشرف علی «الاشیاء»!

و هكذا - و فی ظل هذا المنهج، و من نقطته السابقة فی البدء - یصبح المزید من علوم الانسان ذا قیمة فی موضعه المناسب، فی مرحلة من مراحل الطریق. لا من بدء الطریق [1] .

[1] المرجع السابق ص 174.